خبير الحركات الإسلامية عمرو عبد المنعم يحصل علي الدكتوراه عن ”التطرف والتجديد واغتيال الشيخ الذهبي”
الوثيقةتأثيرات الجماعات الإسلامية في السبعينيات مازالت مستمرة
قيادات التطرف في السبعينيات تسيطر على التسعينات والألفية الجديدة
عشت عملية اغتيال الذهبي من المرج إلي الطلبية ودماء الذهبي كانت لعنة علي جماعة التكفير والهجرة
اجتهادات المؤسسة الدينية كان أهم بكثير من اجتهادات الحركات الاجتماعية وجماعات التطرف الديني لها تاثير ونفوذ في جميع المناطق العشوائية
منابر التطرف "الأطراف" كانت تسيطر علي منابر "المركز"
دعاة التجديد فى السبعينيات "شاهين وجاد الحق والغزالي " لعبو ادوار لصالح الدولة المصرية
حصل الكاتب الصحفي عمرو عبد المنعم على درجة الدكتوراه، مع مرتبة الشرف الأولى، بعد نقاش استمر عدة ساعات حول موضوع "موقف الجماعات الإسلامية المتطرفة من قضية التجديد الديني" اغتيال الشيخ الذهبي نموذجًا 1971-1981م".
تكونت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور إبراهيم عبد العال، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب، جامعة طنطا، مشرفًا، والأستاذ الدكتور أحمد سالم أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة طنطا مشرفًا، والأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام عميد كلية الآداب جامعة دمنهور "رئيسًا"، والدكتور محمد السيد فياض استاذ التاريخ الإسلامي بجامعة طنطا مناقشًا.
تحدث الباحث في البداية عن قضية التجديد ومحاولة مدرسة التاريخ المصري إعادة الصورة التاريخية السليمة التي اتسمت في أذهان الكثيرين من أن قضية التجديد لم يكن فيها أي جديد وأنها من اختراع ما بعد الحداثة، وما بعد التدخل الأمريكي في الفترة الأخيرة في شئوننا الداخلية، ورد على ادعاء البعض من أن محاولة تبني تجديد ما يسمي بـ " الخطاب الديني" ما هو إلا نشر ما سمي بالليبرالية الإسلامية، والديمقراطية الإسلامية، مما أسهم في تفريغ المصطلح من محتواه واعتبر مصطلح سيئ السمعة.
ثم أكد أن قضية التجديد حسمت أمرها منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وطرحت وجوب ظهورها إلى حيز الوجود، وقد شهدت نهاية حقبة السبعينيات جملة من العوامل أدت لازدهار جماعات الإسلام السياسي ومنها اشتعال الحرب الباردة مع بدايات السبعينيات من القرن الماضي وخروج الدولة المصرية من حالة اللا سلم واللا حرب مما أسهم في ظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة التي سيطرت على واقع مصر حقبة من الزمن .
وتناول الباحث حقبة السبعينيات من القرن الماضي، وعدها واسطة العقد للقرن العشرين ومثل عام 1979م نقطة الذروة لتلك الحقبة؛ فقد تلاقى شطرا المتوسط العربي والغربي وتصادمهما أحيانًا أخرى، وبداية اشتعال الحرب الباردة في الشرق الأوسط، وبداية موجات الهجرة والنزوح إلى دول النفط، وقيام الثورة الخومينية الإيرانية فبراير 1979م، واتفاقية كامب ديفيد مارس 1979م، واقتحام الحرم وقضية جهيمان العتيبي نوفمبر 1979م، دخول السوفييت أفغانستان ديسمبر 1979م، بداية الحرب الأفغانية مع ظهور الرئيس الأفغاني محمد داود خان، ما تبع تلك الحرب من انهيار للإمبراطورية السوفيتية، وتحول أفغانستان بعدها إلى حاضنة الجماعات الإرهابية الباحثة عن القوة والنفوذ، ما جعل العالم كله يرتج من عمليات تنظيم القاعدة الإرهابية وغيرها من المنظمات التي تتبنى العنف باسم الدين.
وتسببت كل هذه الأحداث في صعود الإسلام السياسي بشكل غير مسبوق بعدها، وتم اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات في حادث المنصة في أكتوبر عام 1981م، وخرج النزاع الإيراني والعراقي إلي حيز الوجود سبتمبر 1980م، ومنذ ذلك العام تغير وجه العالم، وتشكل ملامح القرن الجديد والأعوام الجديدة من القرن الجديد وما زال تأثير تلك الأحداث حاضرا على منطقة الشرق الأوسط حتى الآن.
وناقش الباحث أدوار المجددين في مصر وكيف لعبت شخصيات مثل الشيخ جاد الحق علي جاد الحق والشيخ موسى شاهين لاشين والشيخ محمد حسين الذهبي أدوار تجديدية، فقد اعتبر تجديد المؤسسة الدينية متميزا رغم المعوقات التي كانت مكبلة بها هذه المؤسسات فكان ملمح جديد أيام الشيخ عبد الحليم محمود وخاصة في صدامه مع الرئيس السادات وإثبات قوة المركز واستيعاب عدد من مشايخ وعلماء المؤسسة الدينية داخل الحالة المؤسسية بجانب الحديث عن الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان وتقنينها داخل المضابط الحكومية البرلمانية وإعلان أن الشريعة مصدرًا لدولة حتي هذه الوقت.
وشرح الباحث فصول رسالته والتي شملت خمسة فصول، وهي تستهل بمقدمة منهجية تاريخية وتمهيد ومذيلة بخاتمة تشمل النتائج والتوصيات العامة، وملاحق للمصادر والمراجع ونماذج مصورة من الوثائق والقضايا السياسية التي عشت بينها عدة سنوات.
وكان تمهيد الدراسة حول الإطار النظري والمصطلحات ذات الصلة والفرق بين التجديد والتبديد وخصوصية الحالة المصرية وتاريخها الاجتهادي ثم نشأت وتطور مفهوم التجديد الفقهي وآلياته عبر العصور، وهل هناك فرق بين التجديد والإحياء الديني وظهور الحركات الاجتماعية في مصر المعاصرة.
أما الفصل الأول بعنوان: " التجديد الديني ورواده في السبعينيات.. إسلام المركز" فقد تناول التجديد الديني ورواده في السبعينيات من خلال المؤسسات الدينية الرسمية وهو ما اصطلحنا عليه بــ "إسلام المركز" وتحدثنا عن رواد هذا الاتجاه في السبعينيات وهم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، الشيخ محمد الغزالي، الشيخ موسى شاهين لاشين.
وتعرض الفصل الثاني: لـ " مشروعات التجديد خارج إطار المؤسسات والجماعات الدينية.. إسلام الأطراف" وهو ما اصطلح عليه بـ "إسلام الأطراف " فتناول رواده مثل د. محمد عمارة والمستشار. طارق البشري ود أحمد كمال أبو المجد وناقشنا مشروعاتهم بشكل مفصل وقام بالتعرض لنقدهم في بعض الجوانب، ثم تعرض إلى رموز التطرف الديني في السبعينيات امثال صالح سرية وشكري مصطفى ومحمد عبد السلام فرج وناقشنا جذور وسرديات أفكارهم وامتداداتها الفكرية المتطرفة، وأطلق على عملياتهم الإرهابية الاقتحامات الثلاثة المتوازية التي صنعت تاريخ ما يسمى التطرف الديني ( اقتحام الفنية العسكرية، وذبح ثلاثة عشر من قياداتها وطلابها علي الطريقة الداعشية، واقتحام منزل الراحل الشيخ محمد حسين الذهبي واغتياله ، واقتحام المنصة واغتيال الراحل محمد انور السادات ) وأفرد مبحث خاص في هذا الفصل عن سيسيولوجيا مساجد السبعينيات ورواده( كشك والمحلاوي حافظ سلامة وآدم صالح ورفاعي سرور وغيرهم ) واطلق عليها صرخات منابر التطرف ودويها في العالم الإسلامي، وهي نظرة سيسيولوجية بحثية محايدة لما أنتجتها منابر السبعينيات وكيف تركت اثرًا في واقعنا المعاصر حتى الآن .
أما الفصل الثالث: فقد تناول الباحث والأكاديمي عمرو عبد المنعم مفكري مصر الليبراليين وموقفهم من قضية التجديد فى سبعينيات القرن العشرين من خلال ندوات حوارية ووثائق بحثية هامة بجريدة الأهرام وخاصة حوار اجراه مفكري مصر مع العقيد معمر القذافي، تحت اشراف السيد أشرف مروان سكرتير الرئيس الراحل أنور السادات للمعلومات، ود عبد العزيز كامل وزير الأوقاف أنذك مثل توفيق الحكيم، وحسين فوزي، ونجيب محفوظ، ولويس عوض، وبنت الشاطئ، وصلاح طاهر، ومحمد حسنين هيكل، وأحمد بهاء الدين،وعبد المالك عودة، ومحمد سيد احمد وهي الندوة التي نشرتها جريدة الأهرام، وكان القذافي آنذاك في بداية عهدة برئاسة ليبيا، وقد بدا الحوار صريحا بل وعكس مواقف لم تصرح بها بعض تلك النخب في كتاباتها آنذاك، ومن هنا اهتمت دوائر غربية بهذا الحوار لمعرفة كيف تفكر النخبة المصرية وكيف توجه الرأي العام المصري والعربي والعالمي، وفي هذا الفصل استعرض الباحث بتأثر شديد اراء الشيخ الرحل محمد حسين الذهبي التجديدية والتي أودت بحياته، وكيف كان يرى علاقته بالشباب المتدين وكيف كان يسيّر وزارة الأوقاف المصرية، وموقفه من مجددي عصره امثال محمد عبده ورشيد رضا ومصطفي المراغي وغيرهم من المجددين في هذه المرحلة التاريخية الهامة.
في حين تناول الباحث الفصل الرابع " السبعينيات.. جيل التنظيم الجهادي السري أو ما اطلق عليه فقه العنف وأوهام التجديد العبثية" وكيف ظهرت جماعة الفنية العسكرية بقيادة صالح سرية ثم جماعة المسلمين المعروفة إعلاميا بالتكفير والهجرة بقيادة شكري مصطفي، ثم تنظيم الجهاد وتفاصيل عمليات الاقتحامات الثلاثة التي ذكرها قبل ذلك " اقتحام كلية الفنية العسكرية واقتحام 1974م واختطاف الشيخ الراحل محمد حسين الذهبي من منزله 1977م ، واقتحام المنصة واغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات 1981م، ونتائج ظهور الجيل الثاني في السبعينات بعد ظهور الجيل الاول جيل الإخوان في الأربعينيات من تنظيمات العنف وبداية ظهور التطرف الديني وتأثير ذلك علي المجتمع والعالم العربي، وكيف كانت احلام عودة الخلافة الإسلامية تسيطر علي اتباع هذه الجماعات وتتخيلها أفكارًا تجديدية لإحياء الامة الإسلامية من جديد.
وفي الفصل الخامس والأخير: تناول الباحث "موقف المؤسسات الدينية من قضايا التطرف والعنف الديني بالسبعينيات" او طرق معالجة الدولة متمثلة فى دار الإفتاء المصرية في عهد الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، ووزارة الأوقاف متمثلة في الراحل الشهيد محمد حسين الذهبي، ومشيخة الأزهر الشريف ممثلة في الشيخ موسي شاهين لاشين، وطرق الدولة في التعامل مع التشدد والتطرف والإرهاب، وكيف كانت بدايات المواجهة مع تنظيم التكفير والهجرة،، ثم تأسيس جهاز مباحث أمن الدولة لقسم معالجة التشدد أيام وزير الداخلية حسن ابو باشا، والذي قام برعاية برنامج ندوة للرأي وحوارات الصحافة والأعلام أواخر السبعينيات مع قيادات الجماعات الدينية المتطرفة في السجون والمعتقلات وخارجها، وكيف نجحت الدولة حينها من وأد الفتنة الطائفية وأدوار كثير من جماعات الإرهاب، وهي نفس التجربة التي يصلح البناء عليها من وجهة نظر الباحث عندما استفحال العنف والإرهاب الديني في هذا الوقت.
وتناول الباحث نقدا لكتاب "دعاة لا قضاة" لمرشد الإخوان حسن الهضيبي والتي اعتبرتها جماعة الإخوان الإرهابية مواجه لأفكار التكفير في ذلك الوقت. وأشار الباحث أنها كانت مراجعات لصالح التنظيم والجماعة للحفاظ على التنظيم من غلواء أفكار سيد قطب وأبو الأعلى المودودي بعد تناميها في السجون وخارجها.
وختم الباحث شرح دراسته بعرض ما توصل إليه من نتائج ورؤى، وقدم بعض التوصيات للجهات المعنية أو لمن يهمه الأمر، وألحق بها عدد من الملاحق ثم مصادر ومراجع الدراسة