الوثيقة
عبده أبو عايشه: مصر تتعرض يوميا لسيل من الشائعات والأخبار الكاذبة وهناك مسؤولة وطنية مشتركة لكشفهامجدي مرشد: مشروع قانون المسؤولية الطبية ينظم العلاقة بين المريض والطبيبأحمد محسن: الزراعة والصناعة والسياحة والاتصالات قطاعات اقتصادية واعدة ستشهد نموا حقيقيا الفترة القادمة بفضل الإصلاحاتحزب الاتحاد: مواجهة الشائعات مسألة أمن قومي.. والمكاشفة الطريق الأمثل للرد عليهاالدكتور مصطفى المحمدي يكتب: روشتة عاجلة لقلوب المصريينالصافي عبد العال: كلمة السيسي في قمة العشرين قدمت رؤية متكاملة للعالم حول كيفية مواجهة الجوع والفقررئيس صحة الشيوخ: كلمة السيسي خلال قمة العشرين جاءت محددة وواضحة المعالم لمكافحة الفقر والجوعرئيس حزب الاتحاد: رفع مستوى العلاقات مع البرازيل لمستوى الشراكة الاستراتيجية أبرز مكاسب مصر من قمة العشرينياسر البخشوان: مشاركة الرئيس السيسي في قمة العشرين تعزز الشراكات الدوليةحزب الاتحاد: مصر قادرة على مشاركة قمة العشرين لصياغة رؤية واضحة لمواجهة تحديات العالم والإقليمأحمد الخشن: تدشين الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبرازيل نقلة اقتصادية كبيرة ستدفع بنحو زيادة الصادرات والتبادل التجاريالتمامي وأبوحجازي يثمنان جهد وزيرة التنمية المحلية في مواكبة خطوات الرئيس السيسي نحو حياة كريمة
تحقيقات وتقارير

محمد يسري يكتب:

كورونا.. ابتلاء من الله يعلم العالم الدين ويعيد المسلمين للسُنة

أرشيفية
أرشيفية

منذ اللحظة الأولى لاكتشاف الفيروس التاجي كوفيد 19 المعروف باسم "كورونا"، تابع الملايين من المسلمين وغيرهم، سيلا هائلا من النصوص الشرعية، التي تعلم البشر كيفية التعامل مع أية جائحة، أو كارثة عالمية، وكيف أن شعائر الإسلام، التي تدعو للحرص على النظافة والنظام، وحدها كفيلة بمنع وقوع الأوبئة، وإن وقعت بأمر من الله تعالى، كيف يتعامل معها المسلم، حتى في عباداته، وغير المسلم في حياته.

وكأن الفيروس جاء ليؤكد للعالم كيف أن نصوص الشرع علمت البشرية كيف يكون الحجر الصحي السليم، ووضعت ضوابطه، كما علمتهم كيفية العناية بنظافة الجسم ورأينا بأعيننا من يعلم الناس- من غير المسلمين- كيفية التخليل بين الأصابع التي هي من أصول الوضوء؛ طلبا للوقاية من الفيروسات، ورأينا سلاسة الشريعة في كيفية أداء العبادات، وتيسيرها على المسلمين بما يحميهم من الأوبئة ونشر العدوى؛ مثل إحياء سنة الصلاة في البيوت، وكيفية دعوة المسلمين للصلاة، وتبديل بعض ألفاظ الأذان؛ لتوافق حال الجائحة.
ومن هذه النصوص التي طبقها العالم كله في التعامل مع الفيروس:

النظافة الشخصية

يرفع المسلمون دائما شعار، "النظافة من الإيمان" وقد ورد في ذلك حديث لكنه ضعيف، وإن كان معناه صحيحًا دل عليه الكتاب والسنة، لما للنظافة من أهمية عظيمة في طهارة البدن التي تترتب عليها أعمال الجوارح، والعبادات البدنية وغيرها، ولذلك فلا تجد كتابًا في الفقه إلا ويبدأ بباب الطهارة، وقد ورد في تعظيم الطهارة من السنة ما جعلها نصف الإيمان؛ فعن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الطهور شطر الإيمان...) رواه مسلم.

وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في 17 مارس 2020 تقريرًا بعنوان: "هل يمكن لقوة الصلاة وحدها وقف جائحة؟ حتى النبي محمد كان له رأي آخر"، وقال الباحث والأستاذ بقسم علم الاجتماع في جامعة رايس الأمريكية كريج كونسيدين، كاتب التقرير: "خبراء المناعة مثل الطبيب انتوني فوتشي والمراسلون الطبيون مثل سانجي غوبتا يقولون: نظافة شخصية جيدة وحجر صحي هي أفضل الوسائل لتطويق كوفيد-19" ، وأضاف ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم  شجع بقوة البشر الالتزام بالنظافة الشخصية التي تبقي الناس في مأمن من العدوى، والدليل أحاديثه النبوية التي كان أبرزها ان النظافة من الإيمان".

التخليل بين الأصابع

كما وجه الأطباء بضرورة التخليل بين الأصابع أثناء غسل اليدين للوقاية من الإصابة من فيروس كورونا، وبالعودة إلى السنة فقد قالت الموسوعة الفقهية: "ذهب الفقهاء إلى أن تخليل أصابع اليدين، والرجلين في الوضوء مطلوب، وجمهور الفقهاء على أنه مسنون في اليدين والرجلين" ومستندهم في ذلك ما ورد في السنة الصحيحة فعن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه لقيط بن صبرة قال:
قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال: "أسبغ الوضوء، وخلِّل بين الأصابع، وبالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا".

الحجر الصحي

أما عن ضوابط الحجر الصحي، فقد شهدت السنة المطهرة ضوابط علمية قيمة في التعامل مع الأوبئة ومن ذلك ما رواه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في حديث عمر ابن الخطاب الطويل عن الطاعون قال: إن عندي في هذا علما ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه) قال : فحمد الله عمر ثم انصرف .

وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تفنى أمتي إلا بالطعن والطاعون ، قلت : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون؟ قال : غدة كغدة البعير ، المقيم بها كالشهيد ، والفار منها كالفار من الزحف" ، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الفار من الطاعون كالفار من الزحف ، والصابر فيه كالصابر في الزحف) رواه أحمد.

وحول هذه الأحاديث أيضا تحدث تقرير صحيفة نيويورك تايمز السابق، وقال الكاتب: إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم  أول من اقترح الحجر الصحي ، هل تعلمون من أيضا اقترح النظافة الشخصية والحجر الصحي خلال انتشار وباء؟ محمد، نبي الإسلام قبل 1400 عام.. ففي الوقت الذي لم يكن (النبي محمد) وبأي شكل من الاشكال خبيرا ’تقليديا‘ بشؤون الأوبئة المميتة، قدم نصائح لمنع ومواجهة تطورات مثل كوفيد-19".

وأضاف التقرير: "محمد- صلى الله عليه وسلم- قال: إذا ما سمعتم بانتشار الطاعون بأرض ما لا تدخلوها، أما إذا انتشر الطاعون في مكان خلال تواجدك فيه فلا تغادر هذا المكان.. وقال أيضا: المصابون بأمراض معدية يجب بقاؤهم بعيدا عن الآخرين الأصحاء".

كما جاءت السنة أيضا بمنع المخالطة والمصافحة بين من يُشك في إصابته بالمرض، في حديث ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يورد ممرض على مصح".

كل بيمينك

وكشفت بحوث طبية بكوريا الجنوبية، وهي إحدى الدول ذات الإصابات العالية بفيروس كورونا منتصف مارس 2020، أن التفريق بين اليدين في ملامسة الأشياء يؤثر بشكل كبير على تقليل الإصابة بالفيروس، وحثت على اقتصار استخدام اليد المسيطرة "اليمنى" على تناول الطعام وعدم ملامسة الأسطح والنوافذ والنقود بها، وهي من الأشياء التي قد تدخل في حكم الخبيثة التي تحمل المرض للإنسان في هذا التوقيت.

وقد روى البخاري في صحيحه كتاب الأطعمة، عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك".

وثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه، وما كان من أذى".

كورونا وتجديد الخطاب الديني

ومن الفوائد الدينية للفيروس أنه جاء لقطع الخلاف بين المسلمين في مسألة تجديد الخطاب الديني، ليثبت أن نصوص الشرع، فيها ما يناسب كل جديد بنفسها، بما يجعل الإسلام قابلا بذاته للتطور من دون مشقة ولا عناء ولا خلاف ولا جدال. 

فحين ألمت جائحة كورونا العالم كله الآن، وجد المسلمون أنفسهم أمام أمر عظيم يجب فيه توقيف العبادات الجماعية؛  كصلاة الجمعة والجماعة، والاجتماع في الحرمين الشريفين، وجاءت السنة لتريح قلوب المسلمين في كل بقاع العالم، الذين يخشون من عقاب الله تعالى إذا توقفت هذه العبادات، وأكدت السنة أن طاعة الله تعالى في مثل هذه الظروف هو وقف هذه العبادات والاقتصار على أداء الصلوات في البيوت عوضًا عن المساجد ليكون لمن يفعل ذلك محتسبًا أجر شهيد إذا وافته المنية في الوباء.

ووجد المسلمون أيضا كيف تغيرت صيغة الأذان لتحل صيغة "صلوا في بيوتكم، صلوا في رحالكم" بدلا من "حي على الصلاة"، وقد ورد في ذلك ثلاثة أحاديث صحيحة، منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وحديث ابن عباس رضي الله عنه، كذلك حديث ابن أوس رضي الله عنه.

فقد روى مسلم في صحيحه عن بن عمر رضي الله عنه: أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر ، فقال في آخر ندائه : ألا صلوا في رحالكم ، ألا صلوا في الرحال ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن ، إذا كانت ليلة باردة ، أو ذات مطر في السفر ، أن يقول : ألا صلوا في رحالكم.

وترد الأحاديث الثلاثة أيضا على من يرى تعطيل العمل بأحاديث الآحاد، من دعاة التجديد؛ فالأحاديث الثلاثة لم يذكرها علماء الحديث ضمن المتواتر، ومن ذلك كتاب "نظم المتواتر، للكتاني" وغيره والغالب أنها جميعًا من أحاديث الآحاد.

وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم ضوابط للتجديد، في قوله:
(يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله؛ ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)
وبهذا فالتجديد لا يخرج عن ثلاثة اذكر العلماء بها:

الاول: دفع ما وضعه المتجاوزون لسنة الله ورسوله مما ليس فيه.
الثاني: إحياء ما أبطله المبطلون من كتاب الله وسنة نبيه.
الثالث: تصحيح التأويلات الباطلة التي ابتعد بها الجهلاء عن نور الرسالة.
ولا يقوم على هذا غير اهل العلم العدول الثقاة.

كورونا السنة الإسلام الوثيقة

تحقيقات وتقارير